الخميس 05 ديسمبر 2024

رواية في قبضة الاقدار بقلم نورهان العشري

انت في الصفحة 73 من 144 صفحات

موقع أيام نيوز


كانت ذاكرة الإنسان قويه كلما كانت حياته أصعب بكثير و في قانون العقل كل الأشياء قابله للنسيان ماعدا الشئ الوحيد الذي تود نسيانه .
أخرجت تنهيدة حارة من جوفها و هي تقف أمام شرفه مطبخها تراقب نزول المطر الذي كان ينهمر بشدة في الخارج . كم كان ذلك المنظر من أهم مسببات السعادة بحياتها و الآن اصبح لا يجلب لها سوي تعاسه كبيرة ممزوجه پألم قاټل يستقر بمنتصف قلبها الذي و بعد مرور أربع سنوات علي فاجعته الكبري لايزال ينتفض ۏجعا حين يتحسس أي شئ و لو بسيط يعيد إليه ذكرياته الرائعة المشبعه بمرارة قاتله لازالت عالقه بحلقها للآن ..

أخيرا استطاعت أن تتخلص من سطوة ذلك العڈاب الذي يتجلى بوضوح في عيناها و أغلقت الستار متوجهه إلي الثلاجه التي تتوسط ذلك المطبخ المستدير المترف إلي حد ما و قامت بإخراج ما تحتاجه لإعداد وجبة طعام ساخنه تدفئ جوفها في هذا الليله شديدة البرودة كليالي كانون المعتادة و التي كانت ذات يوم تحمل الدفء الي قلبها الذي كان غارقا بالعشق حتي أذنيه و ها هي الآن تدفع ثمن حماقته ...
زفرت بحدة و كأنها تنازع لتخرج ۏجعها بذرات ثاني أكسيد الكربون و شرعت في عملها الذي أتمته بعد عشرون دقيقه ثم توجهت إلي غرفه شقيقتها و طرقت عدة طرقات علي الباب فلم يأتيها رد فقامت بفتح الباب بهدوء لتجدها نائمه كالعادة فتسللت مخالب الندم إلي قلبها لتقرضها من الداخل علي ذلك الذنب الذي اقترفته بحق شقيقتها و عادت بذكرياتها للأسبوع الفائت
عودة إلى وقت سابق
كانت جالسه علي أحد المقاعد بشموخ في ذلك البهو الكبير تنتظر الميعاد الذي جاهدت أسبوعا كاملا حتي تحصل عليه و ها هو يأتي بمنتصف اليوم و هي في عملها لتهاتفها تلك الفتاة بلهجه صلفة تخبرها بأن موعدها مع السيد سيكون بعد خمسة و أربعين دقيقة و ألا تتأخر فاضطرت إلى ترك عملها ومهرولة إلى ذلك الصرح الكبير الذي كان يثير في نفسها التوتر الذي قلما يظهر عليها و لكنه كان نابع من السبب المحرج في كونها تود مقابلة ذلك السيد الذي كان الوصول إليه شاقا و كأنه أحد رموز الدوله أو أحد المشاهير .
فجأة طرأ علي بالها صورته التي تخيلته عليها من حديث أخاه عنه. عجوز بدين أصلع قصير القامه سمج لا يفقه شئ في هذه الحياة سوي جمع الأموال فقط .
كم يثير نفورها و إشمئزازها هؤلاء الأشخاص الذين هم علي شاكلته ! و تتمني من الله أن يمر موعدها معه علي خير و أن تجد عنده من التعقل ما يجعله يستمع إلي حديثها أو بالأحري طلبها كي تعود حياتهم هادئه من جديد ..
بلغ توترها ذروته حين أخبرتها الفتاة بأنه ينتظرها فسحبت نفسا عميقا إلى رئتيها قبل أن تنهض متوجهه إلي حيث أشارت عليها الفتاة و ما أن دخلت حتي لفت انتباهها المكتب الأنيق الذي يتمتع بذوق رجولي جذاب بتلك المقاعد الجلديه ذات اللون البني يتوسطهم منضده دائريه وضعت فوقها مزهرية بها بعض الزهور الجميله .
كان هذا أول ما رأته حين دلفت إلي الداخل لتجد على يمينها مكتب ضخم و لكنه أنيق و عصري أمامه مقعدين تتوسطهم منضدة صغيرة و خلفهم كان مقعد السيد المنشود و الذي كان يعطيها ظهره مما جعلها تتقدم خطوتين إلي الداخل و قد كانت خطواتها هادئه لا تعكس توترها الذي كان يزداد مع مرور الوقت خاصة و أن ذلك المتعجرف لا يزال يعطيها ظهره مما جعلها تسخر داخلها قائله 
هيا أرنا وسامتك أيها السيد المغرور !
بدأ شبح إبتسامه ساخرة في الظهور علي جانب شفتيها و لكنها تجمدت فورا ما أن دار الكرسي ليواجهها لتجد نفسها أمام أوسم رجل قد رأته بحياتها !
شعر أسود حريري لامع مصفف بأناقه ملامح رجوليه جذابه عينان ثاقبه أنف مستقيم شفاه غليظه ذقن منحوت ببراعه لحيه كثيفه نوعا . كانت ملامحه تضج بالرجوله محاطه بهاله من الهيبه و الثقه اكتسبها من سنوات عمره الاربعين و جعلت ثباتها يتلاشي شيئا فشيئا إلي أن أتتها نبره صوته العميقه لتكمل صورتة الرائعه حين قال و هو ينظر إلي أسمها المدون أمامه
أنسه فرح عمران . 
لا تعلم لما شعرت بشئ من السخريه في حديثه و إنعكس علي نظراته التي بدت و كأنها تقيمها و قد حمدت ربها كثيرا بأنها كانت ترتدي ثياب العمل الرسميه المكونه من تنوره سوداء تصل إلي أسفل ركبتيها و فوقها قميص من الستان الأزرق و جاكت من نفس لون التنورة و قد كانت تعكص شعرها فوق رأسها علي هيئه كعكه منمقه فلا تترك الحريه لخصله واحده منه في الهرب. كان هذا المظهر يعطيها وقارا تحتاجه كثيرا و خاصة الآن لمواجهه تلك الهيبه التي أمامها .
واصلت التقدم الي أن وقفت أمامه
 

72  73  74 

انت في الصفحة 73 من 144 صفحات