رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود
إيقافها وهي تهتف
_ يا أسمهان هانم لحظة من فضلك مينفعش كدا نشأت بيه تعبان ونايم دلوقتي
توقفت أسمهان على حين غرة والتفتت لها برأسها تهتف في نظرات شرسة ومنذرة
_ الأفضل ليكي إنك تنزلي وتكملي شغلك وملكيش دعوة ولو نشأت نايم أنا هصحيه
انكمش جسد منيرة خوفا منها والتزمت الصمت ثم تابعتها بعيناها وهي تتجه إلى غرفة نشأت ثم تفتح الباب وتدخل دون أي استأذآن ! ظلت مكانها واقفة بدهشة من تصرفات تلك المرأة المعتوهة ولم تجد أمامها سوى حل واحد فاستدارت بجسدها وأسرعت إلى الدرج تنزل شبه ركضا حتى تذهب للمطبخ وتأخذ هاتفها
تجولت أسمهان بنظرها بحثا عنه في أرجاء الغرفة الضخمة لكن لا أثر له حتى سمعت صوت باب الحمام الملحق ينفتح ويخرج منه وهو يدفن وجهه بين منشفة بيضاء صغيرة يجفف بها وجهه ويرتدي بنطال وتيشرت منزلي لا يناسب عمره أبدا !
حين رفع وجهه عن المنشفة ووقعت عيناه على تلك المتصلبة أمامه انتفض بزعر ولوهلة ظنها شبحا متجسد بهيئتها لكن ارتخت عضلات وجهه المتشنجة بعد لحظات وحل محلها الحدة وهو يقول
ابتسمت مغلوبة ثم تقدمت إليه بخطوات بطيئة متمتمة بسخرية
_ رغم السنين ومرضك إلا إنك لسا زي ما أنت يا نشأت متعجرف ومغرور
نشأت بصرامة
_ عرفتي بمرضي إزاي !
ظلت تتطلع إليه مبتسمة ببرود حتى باغتها بصيحته العڼيفة
_ أسمهان عرفتي إزاي !!!
_ إنت مستهون بيا ولا إيه متنساش إني أسمهان الشافعي
هدر بنفاذ صبر وخنق
_ عايزة إيه
أسمهان مبتسمة ببساطة
_ ولا حاجة جيت اطمن عليك بس
قهقه بقوة وقال مستنكرا جملتها
_ طيب قولي حتى سبب مقنع عشان يخيل عليا هو إنتي بيهمك حد غير نفسك يا أسمهان
_ يهمني طبعا ولادي أهم حاجة عندي
بقسۏة
_ أشك إنك بتحبيهم أساسا أو تعرفي يعني أمومة
التهبت نظراتها من الڠضب واندفعت نحوه ثائرة تصيح به
_ ده جزاتي إني جيت اطمن عليك رغم كل اللي عملته معايا زمان
مد يده يلتقط وعاء المياه الزجاجي ويسكب في الكوب الصغير ثم يمسك بالكوب ويرفعه لشفتيه ليشربه كله دفعة واحدة وينزله ثم يهتف ببرود مستفز
أسمهان بعصبية
_ وإنت محاولتش تفهم مني أي حاجة وروحت واتجوزت
تطلع بعيناها في ثبات وقال باسما بصدق
_ومندمتش للحظة إني اتجوزت ريهام ست فعلا تستاهل الحب وكل حاجة عملتها عشانها وقدرت تخليني احبها بكل سهولة ولغاية دلوقتي فراقها صعب عليا ومش قادر اتقبله
_ ابعد بنتك عن ابني يا نشأت بدل ما أبعدها أنا بطريقتي
أظلمت عيناه وطال نظره المخيف إليها حتى وجدته يثب واقفا ويثور عليها پعنف وقسۏة ثم يقبض بيده على فكيها ويرمقها شزرا هامسا
في لهجة مرعبة لا تحمل المزاح أبدا
_ بنتي خط أحمر يا أسمهان اقسم بالله لو لمستي شعرة واحدة بس منها ھقتلك وادخل فيكي السچن وإنتي عارفة إني أعملها وعارفة نشأت الرازي لما يقول كلمة بينفذها ولا لا
للحظة خشيته قليلا لكن سرعان ما استعادت شجاعتها ودفعته بعيدا عنها بقوة تجيب ببأس وثبات
_ وأنا مش بتهدد يا نشأت
أنهت عبارتها واندفعت لخارج الغرفة ورحلت تماما بينما هو فبقى يحدق بأثرها في قرف واشمئزاز ليلفظ من بين شفتيه لفظ بذيء وصفها بها فور مغادرتها !!
توقفت أمام الطائرة الصغيرة الخاصة به وراحت تنقل نظرها بينه وبين الطائرة ببعض الدهشة وعدم الفهم ثم هتفت بجدية
_ عدنان اظن لغاية كدا وكفاية أوي ممكن تقولي بقى احنا هنروح فين !
ابتسم
لها بلطف وغمغم
_ طيب اطلعي وهقولك فوق على الطيارة
أمسك بيد ابنته التي كانت تضحك بسعادة بعدما أدركت أنهم سيحظون برحلة مميزة وسارت مع أبيها تصعد معه درجات سلم الطائرة لكنه بالمنتصف توقف والټفت خلفه لجلنار التي مازالت تقف بالأسفل لا تتحرك وقال بلهجة جادة هذه المرة
_ اطلعي يا جلنار يلا
تنهدت الصعداء بعدم حيلة ثم رفعت ثوبها الطويل وصعدت بحذر بسبب حذائها العالي حتى دخلت الطائرة وتحركت بخطواتها تجاه المقاعد الوثيرة والمعدودة لتجلس فوق واحد منهم ولم تلبس للحظات حتى سمعت صوت رنين هاتفها فأخرجته من حقيبتها وأجابت فورا دون تفقد هوية المتصل أولا ليأتيها صوت منيرة المرتبك وهي تقول
_ الو ياجلنار هانم
توترت للحظة وظنت أن أبيها صابه مكروه فأجابتها مسرعة بارتيعاد
_ في إيه يامنيرة بابا كويس
منيرة بنبرة منخفضة
_ كويس اطمني لكن أسمهان هانم كانت هنا عند البيه ومقدرتش امنعها وطلعت عنده في أوضته اخدت حوالي خمس دقايق وبعدين نزلت مشيت
التزمت جلنار الصمت واتسعت عيناها بدهشة ثم التفتت إلى عدنان تتفقد من ملاحظته لها أم لا فوجدته منشغل