رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود
ذراعه وابعده بحنو ليحتضنه بين كفيه ويتقدم خطوة منها جعلته أمامها مباشرة لا يفصله عنه شيء ومال عليه يهمس أمام وجهها بنظرة ثاقبة تعلمها جيدا ونبرة مغلفة بالبأس والآمان
_ لسا متخلقش اللي يأذي حرم عدنان الشافعي أنا معنديش اغلي منك إنتي وبنتي واللي يحاول يأذيكم همحيه من على وش الأرض أي كان هو مين
لم تسبق ورأته بهذه الحالة أو يتحدث هكذا من قبل مما جعلها تتجمد مكانها وهي تحدقه بعدم استيعاب ودهشة قبل أن تسمعه يكمل بجدية وصوت لين
سكن وكأنه ينتظر منها الرد فهزت رأسها بالموافقة دون أن تتفوه بأي كلمة بينما هو فانحنى عليها أكثر ولثم وجنتها بحب هامسا
_ خلي بالك من نفسك ولو عوزتي حاجة اتصلي بيا
أماءت له
مرة أخرى بشكل لا إرادي من فرط دهشتها واستقرت نظراتها عليها وهو يغادر بعد أن ودعها بابتسامة ونظرة دافئة !
توقف السائق بالسيارة أمام منزل نشأت الرازي ففتحت جلنار باب مقعدها بسرعة وقالت بإيجاز سريع قبل أن تنزل
_ امشي إنت
أجاب السائق الخاص برسمية
_ هستنى حضرتك هنا يا هانم الباشا منبه إني مسبكيش وحدك
جلنار بعصبية
_ سمعت أنا قولت إيه ولا اكرر تاني
طرقت الباب بقوة لثلاث مرات متتالية وبعد ثواني معدودة فتحت لها الخادمة الباب فاندفعت جلنار للداخل بتلهف هاتفة
_ بابا ماله يا منيرة !
ردت بهدوء ونبرة مرتاحة على عكس التي حدثتها بها منذ قليل بالهاتف
جلنار بقلق
_ هو في اوضته مش كدا
هزت منيرة رأسها بالإيجاب فاندفعت جلنار للأعلى مسرعة لا تتمكن من إخفاء خلعها وفزعها على أبيها فمكالمة الخادمة وصوتها المزعور جعلها تتخيل أن والدها يلفظ أنفاسه الأخيرة مما دفعها للقدوم إليه فورا !
_ بابا إنت كويس
فتح نشأت عيناه دفعة واحدة پصدمة فور سماعها لصوت ابنته وطالعها مطولا بعدم استيعاب هامسا
جلنار بصوت خاڤت وقلق
_ منيرة اتصلت بيا لما تعبت وقالتلي على اللي حصلك الدكتور قالك إيه وإيه سبب التعب ده
رأت ابتسامة السرور ترتفع لثغره فتنير وجهه الذابل وهو يرمقها بحنو ثم يعتدل قليلا في نومه ويتمتم بصوت رخيم ومبحوح
_ أنا كويس يابنتي الحمدلله أنا بس أهملت شوية في علاجي وأكلي فمستوى السكر نزل عشان كدا تعبت
غضنت حاجبيها پصدمة وردت فورا
_ سكر إنت معندكش سكر
_ أنا مكنتش اعرف بس لما تعبت من فترة وروحت للدكتور
قالي إني عندي السكر
سكنت لوهلة تتطلعه بأسى وعينان لامعة بالعبارات الخطأ الذي اقرفته بحقها وظلمه لها خلق سدا بينهم وفصل
الأب والابنة حتى أنها لا تعرف بمرضه وتكتشفه الآن كالغريب !
ابتسمت بعد ذلك بلطف وتمتمت
_ طيب إنت كويس دلوقتي
نشأت بنظرات أبوية حانية وسعيدة
_ مش إنتي جيتي تتطمني عليا وتشوفيني بنفسك صدقيني ده عندي بالدنيا وبقيت زي الفل بعد ما شوفتك يابنتي
غامت عيناها بالدموع وقبل أن تفقد السيطرة على زمام نفسها هتفت وهي تهم بالوقوف
_ أنا هفضل موجودة هنا النهارده لغاية ما تتحسن وهنزل دلوقتي اعملك الأكل عشان تاخد العلاج
حين
تطلعت بعينيه في تدقيق رأت دموعه بهم استطاعت فهم نظراته جيدا كانت تحمل مشاعر كثيرة ما بين الندم والأسف والفرحة جعلتها تبتسم له بدفء ثم استدارت وغادرت ثم قادت خطواتها على الدرج للطابق الأول وقد خانتها دمعة متمردة وسقطت فوق وجنتها فأسرعت ومسحتها قبل أن تراه منيرة وأكملت طريقها باتجاه المطبخ !
بتمام الساعة التاسعة مساءا
كانت عيناه عالقة على داخل تلك المكتبة تحديدا عليها هي وذلك الشاب الغريب الذي تتحدث معه بتلقائية تامة وتضحك وتمزح
يقف بسيارته في الخارج ويتابعهم تقريبا منذ ما يقارب العشر دقائق حتى طفح كيله ونيران الغيرة والڠضب اشتعلت في صدره بقوة لتجعل نظراته أكثر ڼارية وحدة مسح على وجهه متأففا ثم أخرج هاتفه وأجرى اتصال ليرفع الهاتف إلي أذنه يستمع للرنين وعينيه مازالت ثابتة عليها
أجابت هي دون التحقق من هوية المتصل بالأول بسبب انشغالها بالحديث المرح مع رأفت وعندما ردت وسمعت صوته المتحشرج
_ أيوة يامهرة
تعرفت عليه فورا من صوته فانزلت الهاتف تنظر لاسم المتصل لتتأكد ثم عادت ترفع الهاتف وتجيب بنظرات زائغة عن رأفت
_ الو
آدم بحزم واستياء ملحوظ في نبرته
_ أنا واقف برا بالعربية
اتسعت عيناها بدهشة وهتفت وهي تتلفت حولها