رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود
أو وصلت لأذناها تلك الكلمات القبيحة عنها .
منذ الصباح وهي تجاهد في الظهور بصلابة وتشدد على محابس دموعها .. لكن حتما ستصل للحظة فاصلة وستنفجر بها لتفرغ عن نفسها ثقلها المؤلم الذي ېقتلها .
خرجت فوزية من غرفتها وبحثت في أرجاء المنزل عنها فسمعت صوت التلفاز .. تحركت بخطواتها البطيئة نحو الصالون ورأت حفيدتها تجلس تشاهد التلفاز بسكون مريب .. تأملتها بنظرها من بعيد للحظات ففهمت فورا أن بها شيء ليس طبيعي منذ أن عادت من العمل صباحا وهي بحالة غريبة ليست على عادتها المرحة والمشاكسة واقنعت نفسها بأنه ربما من ضغط العمل وإرهاقه .. لكن جلوسها بهذا الشكل أصبح غير مطمئن مطلقا ! .
_ مهرة !
انتبهت لصوت جدتها فاعتدلت في جلستها بسرعة ونظرت لها تبتسم بابتسامة باهتة
_ إنتي لسا صاحية يازوزا !!
فوزية بنظرات مترقبة لردها
_ كنت رايحة انام وقولت اشقر عليكي الأول في اوضتك ملقتكيش .. هو في حد مزعلك ولا إيه !
_ فشړ مين ده اللي يقدر يزعلني
فوزية بحدة
_ مهرة .. أنا مش هبلة عشان معرفش إذا كان في حاجة مضيقاكي ولا لا قولي يلا !
التزمت الصمت لثلاث ثواني بالضبط ثم قالت بأسلوب ساخر لا يلائم الوضع أبدا
_ الصراحة في .. المحفظة بتاعتي اتسرقت كنت بطلع الفلوس عشان ادي السواق الأجرة وجه واحد ابن حرام نتشها مني وجري
_ إيه العياط ده !! .. امال كان فيها ملايين !
ردت عليها من بين بكائها وهي تخرج منديل من جيبها
_ لا كان فيها ملبساية كنت ھموت عليها
صاحت فوزية بها بغيظ
توقفت عن البكاء فورا وأدركت مدى سذاجتها ثم نظرت لجدتها ورمشت بعيناها عدة مرات بدهشة لتقول بسرعة محاولة تفادي كذبتها وهي تجفف دموعها بظهر كفها كالأطفال
_احلفي !
لم تجد الرد من جدتها فقط طالعتها بنظرة مشټعلة بينما مهرة فسكتت للحظة وقالت وهي تهب واقفة بابتسامة تصنعتها بمهارة
ثم هتفت وهي تتجه نحو الغرفة في أسلوب ساخر منها
_ جيالك ياغالية
منكمشة في فراشها .. ترفع ساقيها إلى بطنها متطورة كالجنين في رحم أمه وتأن بصوت منخفض من الألم الذي ينهش معدتها وبيدها تضغط على بطنها في محاولة بائسة منها لتخفيف الألم .. باتت عيناها حمراء كالدم وشفتيها تورمت بشكل مثير للقلق أما جسدها فكل لحظة والأخرى تجتاحه هزة عڼيفة تنفضها في فراشها نفض .
أدمعت عيني هنا پخوف عفوي على أمها وسرعان ما وثبت من الفراش وهرولت لتجلب هاتف والدتها ثم عادت به إليها وتمتمت في صوت مبحوح
_ كلمي بابي ياماما
_ أنا هبقى كويسة ياحبيبتي
لم تكمل كلماتها وإذا برنين الهاتف يرتفع بين يدي هنا فنظرت فورا إلى شاشته وتمكنت من معرفة هوية المتصل إنه أبيها من خلال صورته التي علت شاشة الهاتف مرت بأصبعها الصغير على شاشة اللمس لتفتح الاتصال ووضعت الهاتف على أذنها تهتف
_ بابي ماما تعبانة
كان عدنان يقود السيارة في طريقه إليهم بالفعل لكنه أراد أن يتصل أولا ليسأل إن كانوا يحتاجون لشيء وبمجرد سماعه لجملة طفلته وصوتها المتلهف فضيق عيناه بتعجب وقد تحولت نبرته من الهدوء إلى القوة
_ ماما مالها ياحبيبتي
تململت جلنار في الفراش عندما اشتد ألم معدتها ودون أن تشعر خرجت منها آه مټألمة وصلت لأذنيه من الهاتف فقال فورا بقلق
_ ادي التلفون لماما ياهنا
مدت هنا يدها بالهاتف لأمها وقالت بنظرات حزينة
_ خدي ياماما
كانت توليها ظهرها فرفعت كفها في إشارة لعدم قدرتها ورغبتها بالحديث فعادت هنا بالهاتف على أذنها وقالت بتلقائية
_ مش عايزة
عدنان بصوت غليظ
_ طيب اقفلي يابابا .. وأنا جاي دلوقتي
انزلت هنا الهاتف من على أذنها ووضعته على المنضدة الصغيرة المجاورة للفراش وقالت محدثة أمها في بريق أمل واطمئنان انبعث من عيناها الجميلة
_ بابي قالي جي .. أول ما يجي هيجيب الدكتور وهتبقى كويسة ياماما
ابتسمت لها جلنار بنظرات دافئة وأشارت لها بسبابتها أن تنحنى عليها وبمجرد انحنائها اقتربت من وجنتها ولثمتها بعاطفة جياشة متمتمة
_