رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود
تقف أمام الخزانة تخرج لها رداء منزلي حتى تبدل ملابسها غير منتبهة لذلك الذي تسلل من خلفها حتى وقف شبه ملتصقا بظهرها تماما وانحنى على أذنها يهمس في نبرة غريبة ومريبة قليلا .. تحمل بعضا من الڠضب وبعضا من المرارة
_ رغم كل محاولاتي في إني ارضيكي واعوضك بكل شكل واخليكي تسامحيني .. إلا إنك لسا مازالتي مصممة تشوفيني الشخص السيء واللي حتى ميستحقش مجرد فرصة تانية مش العفو .. ومش بتفوتي الفرصة في إنك تطعنيني بكلامك القاسې .. مكنش له داعي اللي قولتيه امبارح .. كنتي ممكن تقوليلي إنك مش بتحبيني وكان ده كفاية أوي وكنتي برضوا هتقدري توجعيني ...
_ الفصل الخامس والثلاثون _
نظراتها عالقة على ساعة الحائط المعلقة منذ وقت طويل .. الساعة تخطت الثانية صباحا ولم يعد حتى الآن تتذكر جيدا كلماته الأخيرة لها بالصباح وبعدها فورا اختفى وغادر وإلى الآن لم يأتي .. لأول مرة يعاتبها ويتحدث بتلك النبرة الغريبة .. هل حقا يؤلمه جفائها وبالأخص حين تخبره بكرهها المزيف له ! .. باتت تشعر أن حقيقة التغير
________________________________________
التي لا تؤمن بها قد تكون موجودة بالفعل !! .
التقطت اذناها أصوات أقدام تقترب من الغرفة فاعتدلت في فراشها فورا وثبتت نظرها على الباب منتظرة دخوله .. ثواني معدودة ورأته يفتحه ويدخل بخطوات متعثرة وغير متزنة قليلا .. ويمسك بطرف سترته التي فوق كتفه وتتدلى على ظهره .
لم تكن بحاجة للاقتراب منه حتى تتأكد أنه ثملا بعض الشيء وليس بوعيه الكامل .. فبقت جالسة مكانها تحدقه بصمت لدقيقة كاملة حتى ارتفع صدرها بنفس عميق أخذته وهبط ببطء مع زفيرا متمهلا .. ثم خرج صوتها الخاڤت بتعجب
همهم بهدوء تام
_ امممم .. خاېفة عليا ولا إيه !
أصدرت تأففا قوى بيأس لتجيبه في جدية
_ طيب قوم غير هدومك وخد دش
لم تسمع أي رد منه فقط صوت تنفسه الحاد كان هو المسموع .. وبعد برهة من الوقت سمعت همسه وهو يبتسم بمرارة
_ الحقيقة دايما بتوجع .. وإنتي قولتي الحقيقة امبارح
_ واللي يوجع اكتر هو نظرات الكره وعدم الثقة والنفور اللي بشوفها في عينك .. صدقيني بتخليني اكره نفسي اكتر .. هي وجعتني في كرامتي وشرفي وإنتي في قلبي
لوهلة اشفق قلبها عليها ربما لو كان بوعيه لما كانت اشفقت لكن كلامه وهو ثمل هكذا يشعرها بالسوء والحزن .. فاقتربت منه في الفراش وامسكت بذراعه تحثه على النهوض هاتفة
رأته يضحك بسخرية ويغمغم في نبرة موجوعة
_ وهو أنا من إمتى كنت بوعي أساسا .. لو كان عندي وعي وعقل كانت هتقدر تستغفلني أربع سنين وكنت هظلمك واخسرك بسببها
تقوست ملامح وجهها بتأثر فضغطت على ذراعه أكثر وغمغمت برجاء
_ قوم ياعدنان عشان خاطري
لم يبالي برجائها أو محاولاتها بل تابع بنفس نبرته السابقة وابعد يدها عن ذراعه بلطف
_ لما بشوف كرهك ليا بقول معقول أنا وصلتها للدرجة دي .. معقول إنت كنت غبي وحقېر كدا ياعدنان
لا تتفوه ببنت شفة تستمر في التحديق به بسكون والعبوس ظاهر على محياها .. تستمع لكلماته التي يجلد بها ذاته في قسۏة .. وفي أعماقها تتمناه أن يتوقف فلا تريد أن تسمع منه أي شيء وهو بهذه الحالة المزرية .
اكمل عدنان بثغر مبتسم في أسى
_ جايز أكون اناني زي ما بتقولي .. بس أنا أناني في حبي وتمسكي بالشخص اللي عايزه .. مش بقبل بعده عني ولا بقبل اشاركه مع حد
ثم سكت لدقيقة قبل أن يتبع بعينان تلمع بدمعة متحسرة
_ ربنا اخدلك حقك مني ياجلنار
غامت عيناها بالعبارات ولو كانت بقت للحظة أخرى تتطلع إليه تلك العبارات ستشق طريقها إلى وجنتيها .. فابتعدت عنه مسرعة وهمت بالنزول من فوق الفراش حتى تغادر لكن قبضته على رسغها اوقفتها وتبعها همسته الراجية
_ خليكي جمبي !
بقت على وضعها توليه ظهرها تحاول كبت دموعها من السقوط لكنها انهمرت بشكل لا إرادي حين شعرت بلمساته تهبط برقة من رسغها إلى كفها ليقربه لشفتيه لاثما باطنه بعدة قبلات تتنقل من باطن الكف لظاهره وانفاسه الساخنة تلفح بشرتها الناعمة .
التفتت برأسها له وسط دموعها فتراه يحتضن كفها ويمطره بوابل من قبلاته وهو مغمضا عيناه .. فتجمدت يدها أمام قبلاته ولم تتمكن من سحبها إلا عندما توقفت قبلاته واحست بانفاسه السريعة هدأت وانتظمت