الأربعاء 04 ديسمبر 2024

رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

انت في الصفحة 116 من 275 صفحات

موقع أيام نيوز


إنتي زعلانة عشان بابي تعبان 
أخذت نفسا عميقا في محاولة بائسة منها لمنع دموعها من الأنهمار لكنها فشلت وسقطت دمعة متمردة من عينها .. ثم هزت رأسها بإيجاب تؤكد سؤال صغيرتها وهي تفرد ذراعيها وتضمها إلى أحضانها فلفت الصغيرة ذراعيها حول رقبة والدتها وردت بحزن طفولي 
_ وأنا كمان زعلانة 

بتلك اللحظة اڼهارت جميع حصونها الضعيفة وتوالت الدموع على وجنتيها بغزارة لكن دون صوت دموع ألم وخوف وشجن .. أبدا لم تتخيل أن يأتي يوم وقلبها ينفطر حزنا وخوفا عليه من الفقدان .
قطع اللحظة الدافئة والمؤثرة بين الابنة والأم دخول الخالة انتصار التي فتحت الباب وهي تحمل فوق ذراعيها صينية نحاسية اللون وفوقها ثلاث صحون كل صحن يحتوي على نوع طعام مختلف .. ابتعدت هنا عن أمها ونظرت إلى الخالة ثم ركضت إليها وتعلقت بقدمها تقول بصوت عابس وعينان شبه دامعة 
_ بابي تعبان وماما زعلانة يانينا انتصار 
نظرت انتصار إلى جلنار نظرة معاتبة لعدم تمالكها نفسها أمام الصغيرة ثم وضعت الصينية فوق الفراش وانحنت على هنا تحتضن وجهها الصغير بين كفيها وترد عليها بحنو وحب 
_ بابي تعبان شوية صغنين أوي ياحبيبتي وإن شاء الله هيبقى كويس وزي الفل 
ثم ألقت نظرة سريعة على جلنار التي تتابعهم بعيناها وانحنت على أذن هنا وهمست 
_ و زي ما إنتي بتحبي بابا وزعلانة إنه تعبان ماما كمان زي كدا
التفتت الصغيرة برأسها ناحية أمها ثم عادت بها أخرى إلى الخالة وسألت بحزن به لمسة الاطمئنان 
_ يعني بابي هيبقى كويس 
_ طبعا هيبقى كويس ياحبيبتي إن شاء الله .. يلا بس إنتي زي الشطار كدا اجري على السرير ونامي عشان بابي لما يرجع ميزعلش إن هنون بتنام متأخر 
ابتسمت هنا بلطافة وجهها الملائكي ثم ركضت فورا نحو الفراش وتدثرت بالغطاء فضحكت انتصار بخفة وارسلت لها قبلة في الهواء ثم حملت الصينية مرة أخرى وأشارت لجلنار بأن تلحق بها .
الخالة انتصار .. كانت تعمل خادمة في منزل نشأت الرازي وكانت علاقتها بوالدة جلنار حميمية جدا وتحبها كثيرا .. ساعدتها في تربية جلنار من الصغر لذلك تعتبرها جلنار والدتها الثانية .. حتى بعد ۏفاة أمها في سن صغير كانت انتصار دائما بجوارها لم تتركها تماما كأمها وكانت جلنار تتردد على منزلها كل آن وآن بعدما تركت العمل في منزلهم فور ۏفاة أمها .
خرجت خلفها وجلسا على الأريكة الكبيرة في الصالون فقالت انتصار بنبرة مشفقة 
_ كلي إنتي مكلتيش حاجة يابنتي 
جلنار برفض 
_ مليش نفس يادادا 
_ احنا مش اتفقنا إنك تمسكي نفسك قدام البنت ياجلنار 
_ مقدرتش والله من غير احس لقيت دموعي نزلت 
تنهدت انتصار مبتسمة ثم قالت بوضوح وصراحة تامة وهي مثبتة نظرها عليها بثقة 
_ اللي يشوفك خاېفة عليه بالشكل ده ميشوفكيش وإنتي عايزة تتطلقي منه 
ارتبكت قليلا وردت عليها بحزم 
_ دي حاجة ودي حاجة .. الاتنين ملهمش علاقة ببعض
انتصار ضاحكة 
_ لا إزاي ملهمش علاقة ببعض !! .. ده إنتي من ساعة ما رجعتي من المستشفى وإنتي دموعك موقفتش وده معناه حاجة

________________________________________
واحدة هي إنك بتحبيه
رمقت جلنار انتصار بدهشة امتزجت بالتوتر الذي سرعان ما حاولت إخفائه وهي تهتف نافية بجفاء 
_ لا طبعا مش بحبه !! .. أنا بس زعلانة على الوضع اللي هو فيه وطبيعي ازعل في الأول والآخر هو أبو بنتي .. بعدين بحبه إيه يادادا إنتي كأنك متعرفيش اللي بينا
انتصار بابتسامة مستنكرة 
_ عارفة وعشان كدا مستغربة ! .. عموما ربنا يقومه بالسلامة يارب 
همهمت جلنار بخفوت وصوت يكاد يسمع 
_ يارب
على الجانب الآخر من العالم بمدينة كاليفورنيا بأمريكا .....
انتهى الاجتماع أخيرا وخرج الجميع تباعا من الغرفة وقفت نادين وحملت أوراقها واشيائها تهم بالانصراف لكنه قبض على رسغها يجبرها على الجلوس ويهتف بجدية 
_ اقعدي احنا لسا مخلصناش كلامنا
ردت عليه بقسۏة غير معهودة منها 
_ بعتقد انو خلص .. ممكن تترك إيدي
تأفف حاتم بنفاذ صبر ثم هب واقفا واتجه نحو باب الغرفة في خطوات قوية واغلق الباب پعنف ثم عاد لها وهتف بشيء من العصبية 
_ نادين أنا خلقي ديق وإنتي عارفة كدا .. اتكلمي وقولي إيه اللي حصل 
طالعته بابتسامة ساخرة وهدرت بعد ثواني معدودة من التحديق به في عدم اكتراث 
_وأنا مو طلبت منك تهتم بشو مضايقني .. إنت ياللي سألت وأنا رديت وقلتلك ولا شيء 
حاتم پغضب 
_ ياسلام .. امال إيه موضوع الصور ده وكذاب ومعرفش إيه !!
نادين ببرود تام وهي تهم بالانصراف 
_ بتقدر تعتبرني ما قلت شيء
القت بجملتها واندفعت نحو الباب في خطوات سريعة فلحق بها وجذبها من ذراعها هاتفا بسخط 
_ أنا لسا مخلصتش كلامي يانادين 
نظرت ليده المقبضة على ذراعها بقوة فاشتعلت نيران ڠضبها وصاحت به منفعلة
 

115  116  117 

انت في الصفحة 116 من 275 صفحات