الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود

انت في الصفحة 47 من 324 صفحات

موقع أيام نيوز


الغليظ وهو يسأل دون أن يرفع نظره عن الأوراق 
_ آدم وصل ولا لسا 
ردت عليه برسمية شديدة وارتباك خصوصا أنها الأيام الأولى لها
بالعمل 
_ لا يافندم لسا موصلش 
انتبه لنبرة الصوت المختلفة والغير مألوفة عليه فرفع نظره لها وحدقها بنظرة دقيقة وقوية ثم تمتم بخشونة 
_ إنتي مريم مش كدا 

هزت رأسها بإيجاب في اضطراب واضح فالتقط أحد الملفات التي أمامه ومده لها وهو يهتف بنبرة صارمة وجدية يجيب عليها 
_ طيب وصلي الملف ده لمستر نادر وقوليله يخلصه خلال ساعة ويبعتهولي فورا 
التقطت منه الملف وتمتمت بالموافقة وهي تهز رأسها 
_ حاضر يافندم 
ثم استدارت واتجهت نحو الباب وانصرفت بينما هو فعاد يستأنف عمله لكن محفظة نقوده
الخاصة الصغيرة سقطت من فوق المنضدة فانحنى ليتلقطها ولكنه رأى صورة تجمعه مع ابنته وجلنار كان محتفظ بها وسقطت من حافظته على الأرض وضع المحفظة على المنضدة والتقط الصورة ثم اعتدل في جلسته وتأمل في ملامح وجه صغيرته الذي يحملها على ذراعيه وهي تضحك بسعادة وشعرها القصير يتطاير من حولها بفعل الهواء أما جلنار فكانت ترتدي فستان طويل أبيض اللون وتضع فوق شعرها قبعة دائرية من اللون النبي حتى تحجب أشعة الشمس عن رأسها وتقف بجانبه وعيناها متعلقة على ابنتهم تنظر لها وتضحك معها بحب أما هو فما يتذكره أنه نظر لها وابتسم على ضحهكم ومن الواضح أن المصور قد استغل الفرصة وقام بالتقاط الصورة في هذا الوضع العائلي الدافيء 
كانت هذه الصورة منذ سنة ونصف تقريبا عندما ذهبوا لأول مرة في رحلة قصيرة لأحد المدن الساحلية مرسى مطروح وقضوا أكثر من أسبوع بها كانت إجازة ممتعة ولطيفة وسط زيارتهم لكل مكان في المدينة وحتى تسوقهم لمحلات الملابس والمحلات النسائية لم ينساها حيث حرص على أن تقوم بشراء كل ما تشتهيه مصرحا لها أن الاسبوع كان لها هي وصغيرته فقط في كل شيء وكل ما تطلبه هو أمر وينفذ وقاموا بالتقاط هذه الصورة أمام الشاطيء عندما كانوا يسيرون في الصباح أمام البحر ووجدوا بالصدفة شابا يحمل كاميرا ويقوم بالتصوير لكل من يرغب ويتذكر حينها إن هنا أصرت على أن يلتقطوا صورة فلم يتمكن من رد طلبها كالعادة 
غاب عن الواقع للحظات يتذكر جزء من ذلك الموقف أثناء سيره معها على الشاطيء 
كانوا يسيران على شاطيء البحر والماء ترتطم بقدميهم بفعل المد والجذر بينما هنا فكانت تركض أمامهم وتلعب بالماء بقدميها الصغيرتين كان يسير واضعا كفيه في جيبي بنطاله وهي تتنقل بعيناها بين البحر تارة وبين ابنتها تارة أخرى تتابع فرط سعادتها وهي تضحك باللعب في الماء فقالت بتلقائية محدثة إياه وهي تبتسم بعاطفة أمومية جميلة

_ واضح إن هنا مبسوطة جدا من Holiday دي 
عدنان بابتسامة جانبية وهو ينظر لها بتعجب 
_ هي هنا بس اللي انبسطت يعني ! 
طالعته بابتسامة هادئة وقالت في خفوت ورقة 
_ لا وأنا كمان ياعدنان خصوصا إن دي أول مرة احس باهتمامك بيا
_ ومش هتكون آخر مرة يارمانتي كل ما يكون معايا وقت فاضي من الشغل هختلس يومين ونطلع في إجازة لطيفة زي دي تاني
رمقته بنظرة جانبية وهي تبتسم على وصفه الدائم لها بالرمانة فهم مقصد نظرتها فضحك بخفة وانحنى عليها يطبع قبلة
عميقة على وجنتها هامسا في مغازلة نادرة ما تطرأ منه 
_ معايا رمانة ټخطف العقل من جمالها
خجلت ربما لأنها ليست معتادة على سماع مثل تلك الكلمات منه بل لا تتذكر أنه قام بمغازلتها منذ زواجهم سوى مرتين أو ثلاثة وهذه قد تكون الرابعة ! 
عاد إلى الواقع مرة أخرى متنهدا بقوة كانت هذه هي آخر اللحظات اللطيفة بينهم وما كان بعدها حتى الآن ماهو إلا شجار وجفاء مستمر عندما بدأت فجأة في التذمر من غيابه الدائم وإهماله وشجار بآخر أوضحت عن رغبتها الصريحة في الطلاق وأصرت عليه فساءت العلاقة بينهم أكثر فجأة بشكل غريب وانتهى المطاف بهروبها بابنته بعدما وافق على الطلاق بسبب الحاحها ولكن كانت شروطه واضحة حول بقاء صغيرته معه فلجأت للهروب كطريق للفرار من الاتفاق الدنيء كما وصفته ! 
ارتفع صوت رنين هاتفه الصاخب فجذبه وأجاب على المتصل 
_ الو 
_ أيوة ياعدنان بيه كاميرات بوابة القصر اللي عطلت انتهى إصلاح التلف اللي فيها كله دلوقتي 
هتف عدنان بصوت رجولي قوي 
_ العطل ده حصل لوحده ولا في حد عمل كدا 
_ للأسف العطل كان واضح جدا إن في حد كان قاصد يتلف الكاميرا ويوقفها 
عدنان بصوت يحمل بعض الزمجرة 
_ طيب اقفل وابعتلي آخر التسجيلات كلها اللي كانت عليها قبل العطل
انهى معه الاتصال فورا ثم جذب حاسوبه المتنقل الخاص به وفتحه وانتظر لدقائق حتى وصلت له رسائل بالفيديوهات الأخيرة لتسجيلات الكاميرا قام بمشاهدتها جميعها
ولم يكن بها شيء سوى إنه لاحظ خروج فريدة كل يوم بموعد مختلف
وعودتها بعد ساعات ليست بقليلة وآخر تسجيل كان في مساء الأمس للحارس الخاص بالمنزل وهو يتحدث مع رجل
 

46  47  48 

انت في الصفحة 47 من 324 صفحات