رواية امرأة العقاپ للكاتبة ندا محمود
ما قالت الدكتورة
ألقت جلنار
نظرة دقيقة عليه تتفحص ملامح وجهه الجافة لتتنهد بحزن وتكتفي بإماءة رأسها البسيطة
بتلك اللحظة كانت الصغيرة قد هبت واقفة وركضت تجاه النافذة تقف أمامها تتابع الشارع بالأسفل والمارة وحركة السيارات بفضول طفولي طبيعي
استدار هو وكان سيهم بمغادرة الغرفة حتى تنتهي من تجهيز نفسها لكنها أوقفته بهمستها الرقيقة
توقف وظل مكانه دون أن يلتفت لها ليسمع صوت خطواتها الهادئة من خلفه حتى وقفت مباشرة خلف ظهره وتمتمت بوادعة
_ أنا كنت هقولك على فكرة مكنش في نيتي إني اخبي عنك !
ابتسم مستنكرا في مرارة ثم
استدار لها وقال بقسۏة
_كنتي هتقوليلي امتي بقى لما تولدي إن شاء الله ! ولا إنتي بقى كان في نيتك تنزليه زي ما حصل مع اللي قبله وخبيتي
اتسعت عيناها بدهشة من رده غير المتوقع وتمكن منها ڠضبها لتقول بصوت حافظت عليه منخفضا حتى لا تلاحظ ابنتهم
_ قولتلهالك وهقولك تاني إنت السبب وأنت اللي دفعتني إني افكر انزل الطفل اللي قبله وكمان إنت السبب دلوقتي وخلتني اخبي عنك رغم إني حكيتلك ووضحكتلك قد إيه أنا ندمانة على اللي عملته وقلبي واجعني كل ما افتكر ابني اللي بحمل نفسي ذنبه لحد دلوقتي إلا إنك مصمم توجعني وتفكرني بغلطي
_ لو أنا ۏجعتك مرة فأنتي وجعتيني ألف ومازالتي بتوجعيني شكيتي في حبي ليكي واتهمتيني بالخېانة ورغم إني اترجيتك وطلبت منك تدينا فرصة ننسى اللي فات ونبدأ بصفحة جديدة إلا إنك صممتي على
الفراق واخترتي ټنتقمي مني وتوجعيني ببعدك عني إنتي وبنتي
سكت للحظة ثم راح يكمل حديثه ببسمة موجوعة
انهي عبارته واستدار ليفتح باب الغرفة وينصرف تاركا إياها متسمرة بأرضها بوجه تعلوه معالم الانكسار والضعف ولتتفوه بالأخير في حړقة ودموع غزيرة تنهمر فوق وجنتيها
_ مش أنا اللي عايزة النهاية دي الظروف هي اللي جبرتنا عليها وإنت اللي هدمت ثقتي فيك من زمان ياعدنان متلومنيش على غلط احنا الاتنين مشتركين فيه
غادرا مبنى المستشفى واستقلت الصغيرة بمقعدها الخلفي في السيارة وهو يمقعده المخصص للقيادة وهي بجواره طوال الطريق كان الصمت يستحوذ على الأجواء بينهم حتى أن الصغيرة كانت تتابع الطريق من زجاج السيارة بصمت لكن قطع السكون صوته الغليظ وهو يسألها
جلنار بخفوت تام
_ أيوة روحت امبارح
_ كويس
ليهيمن الصمت من جديد بينهم حتى قال هو للمرة الثانية
_ محتاجة حاجة اجبهالكم قبل ما نوصل
طالعته مطولا ثم اشاحت بوجهها وهزت رأسها بالنفي تجيبه
_ لا شكرا
تنهد بعدم حيلة ثم وجه حديثه لابنته متمتما
_ هنون ياحبيبتي تحبي اجبلك حاجة يابابا قبل ما نوصل البيت
ردت هنا بعبوس بسيط
_ احنا هنروح بيتنا ولا عند جدو يا بابي
القى نظرة ذات معنى على جلنار ثم أجاب على ابنته بخنق
_ عند جدو ياحبيبتي
هنا بحزن وضيق
_ طيب ليه مش هنرجع بيتنا !
لم يجيب واكتفى بنفس النظرة لجلنار التي تنهدت بخنق وردت على صغيرتها في حزم بسيط
_ هنا وبعدين احنا اتكلمنا كذا مرة في الموضوع ده مينفعش كدا
عدنان بنظرة مريبة ومستاءة
_ متزعقيش للبنت هي إيه فهمها ولا عرفها !
_ متزعليش ياروح بابي إنتي عارفة إن بابي مش بيقدر يشوف هناه زعلانه بكرا بليل هاجي أخدك عشان نروح بيتنا ونقعد أنا وإنتي زي المرة اللي فاتت ونعمل أكل حلو ونلعب كتيير أوي
_ ومامي هتيجي معانا
ابتسم بمرارة ثم زم شفتيه بجهل لتتنهد هي بيأس وتقول في الأخير بحزن
_ وعد يابابي
انحنى عليها ولثم وجنتيها بعمق وحب هاتفا
_ وعد ياعيون بابي بس بشرط اضحكي الأول ومتفضليش زعلانة كدا
ظلت عابسة الوجه حتى شعرت بانامله تمتد أسفل ذراعها وهو يدغدغها بقوة فتنطلق ضحكاتها بقوة ويبادلها هو الضحك ثم يحملها فوق ذراعيه ويتجه بها للداخل فتفتح لهم الباب الخالة انتصار التي كانت تنوي قضاء الليلة مع هنا وجلنار بالمنزل هنا
رحبت به ترحيب حار وهو
كذلك فور صعود
الصغيرة لغرفتها بالأهلى بعد توديعها لأبيها سألت انتصار بقلق
_ هي مالها ياعدنان العيل كويس أنا قلبي وقع في رجليا من الخۏف
_ الحمدلله الولد بخير متقلقيش ياحجة انتصار
_ دي دخلت من غير كلام ولا سلام وطلعت على اوضتها طوالي وكان وشها كله عصبية وبتعيط
مسح على وجهه متأففا مغلوبا على أمره
_ لولا إني عارف ردة فعلها كنت طلعتلها معلش اطلعي ياخالة انتي وشوفيها العصبية والزعل ده غلط وممكن يأذيها هي والولد
ابتسمت له بوادعة ورتبت على كتفه متمتمة
_ متقلقش أنا هطلع اطمن