الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود

انت في الصفحة 216 من 275 صفحات

موقع أيام نيوز


عنه بعبوس مازالت لا تتمكن من العفو بسهولة هكذا .. ستحتاج لوقت طويل حتى تصفح له ..
أخذ نشأت نفسا عميقا قبل أن يسألها بجدية 
_ إنتي عايزة تطلقي منه ولا لا ياجلنار 
سكتت لوهلة تفكر في سؤاله .. وتبحث في عقلها عن أجابة .. هل تريد الشتاء أم الخريف .. بقائها معه يعني المزيد من شتاء قارص وحاد لكنه أيضا يبعث السعادة في نفسها ويحمل احيانا بعض الدفء .. أما أنفصالهم فسيكون خريف عاصف وچنوني لا يحمل سوى الرياح القاسېة وربما يكون بداية جديدة أو نهاية ! .

لا تجد إجابة .. تنسحق بين عضوين لا يجتمعان على رأى واحد .. كل منهم يريد ما يهواه وكلاهما يتميزان بالعناد .. أي منهما عليها أن تتبع !! .. 
هزت رأسها باليأس مردفة بعبوس 
_ مش عارفة .. يمكن أنا محتاجة وقت اكتر عشان اقدر اقرر أنا عايزة إيه واخد القرار الصح 
أصدر نشأت زفيرا حارا مغلوبا على أمره ويجيبها بتفهم 
_ طيب مش هضغط عليكي ياجلنار فكري براحتك .. بس اتأكدي إن أي كان قرارك أنا معاكي فيه .. زي ما قولتلك أنا دلوقتي يهمني سعادتك بس 
أماءت برأسها له في جمود ملامح وتابعته وهو ينهض وينحنى طابعا قبلة فوق شعرها ويهمس 
_ تصبحي على خير ياحبيبتي .. عايزة حاجة 
انكمشت على نفسها كدليل على أنها مازالت لم تسامحه واكتفت بهز رأسها بالنفي في حزم بسيط .. فتنهد هو واستدار يبعتد عنها حتى غادر الغرفة بأكملها .
سمعت صوت الباب ينفتح من جديد بعد رحيل والدها بدقائق لا تحتاج للالتفات حتى ترى من ذلك ! .. أساسا لا يوجد غيرهم بالمنزل الآن . 
كانت متسطحة فوق الفراش تنام على الجانب مولية ظهرها للباب ضړبت خطواته بأذنها

________________________________________
وهو يقترب منها حتى شعرت به يشاركها الفراش .. وصوت زفيره وتنهده هو الوحيد المسموع .
بالوضع الطبيعي لن تسمح له بإن يبقى بجانبها لكنها ليست في مزاج لتتحمل جدال مختلف بينهم استمر الصمت والسكون يملأ الغرفة حتى أحست بأنامله تمر فوق خصلات شعرها برقة تارة يغلغلها في لطف وتارة يملس فوقه فقط كانت على وشك أن تلتفت له وتوقفه لولا أنها سمعت صوته وهو يسألها پضياع 
_ إنتي بتكرهيني بجد ولا دي مجرد كلمة بتقوليها في وقت غضبك مني !
تجمدت بمكانها فور وقع سؤاله المريب عليها .. ذلك السؤال وضعها في مهب الريح لوهلة ظنت أنه صوت عقلها من كثرة تفكيرها هل تريده أم لا .. تبغضه أم تحبه ! .
ليس وحده من يحتاج للإجابة على السؤال هي أيضا تحتاج للإجابة التي تبحث عنها في ثناياها ! .
استدارت برأسها للخلف تتطلعه بعمق ثم همست 
_ عايز تسمع إيه ! 
_ الحقيقة 
تنهدت بقوة واعتدلت في نومتها لترتفع بجسدها للأعلى قليلا مستندة على ظهر الفراش تجيب بصدق 
_ مش عارفة .. يمكن اكون بكرهك ويمكن لا 
عدنان باستغراب 
_ معناه إيه ! 
جلنار ببساطة 
_ يعني مقدرش اجاوبك على سؤال أنا مش لاقية إجابته أساسا 
غمغم مبتسما بعبس بسيط ولهجة شبه استنكارية 
_ زي الطلاق كدا مش عارفة إنتي عايزة إيه !
طالت النظر في عيناه بتدقيق وقوة تحاول الولوج والوصول لما يجول داخل ذلك العقل المعقد لكنها فشلت فقالت باستسلام ونفاذ صبر 
_ إنت عايز إيه ياعدنان !! 
توقعت أن سيمهل نفسه اللحظة للتفكير ثم يجيب لكنه خيب ظنها ووجدته يجيب دون تردد 
_ عايزك 
لم تكن سوى كلمة واحدة لكنها نجحت في ثرك بصمتها .. دهشها بثقته وعدم تردده في قول ما يريده بالضبط .. لم يبدي لها قط من قبل عن رغبته بها ربما لذلك ادهشتها الكلمة ! .
اكمل كلامه بجدية 
_ امبارح قولتلك مش مستعد اخسرك لأي سبب كان .. وطبيعي لما اسمع نشأت بيقولي اطلقك هتكون دي ردة فعلي 
اعتدلت حتى انتصبت جالسة وحدقت في عيناه بقوة تهدر بعناد 
_ ليه عايزة افهم .. عايزاني ليه !!!
عم السكوت للحظات بينهم تراه يرمقها مبتسما بشكل غريب حتى وجدته يقترب إليها ويستند بجبهته فوق خاصتها .. يتنفس الصعداء بقوة ويخرج زفيرا دافئا بتمهل .. ثم يمد كف يضعه فوق وجنتها والآخر امتدت أنامله إلى خصلات شعره يعبث به في نعومة ويهمس أمام وجهها باسما بعاطفة جديدة 
_ وكيف يتخلى العقاپ التائب عن زهرته الحمراء !
تطلعت في عيناه مدهوشة .. لم تكن أبدا تتخيل أنه مازال يتذكر تشبيهها له بطائر العقاپ .. هي لا تذكر أساسا أنها أخبرته بذلك سوى مرتين أو ثلاثة فقط .. فانطلقت فوق شفتيها شبه ضحكة خاڤتة امتزجت ببعض الخجل لتجيبه هامسة 
_ لسا فاكر !
هز رأسه بالإيجاب واتسعت ابتسامته أكثر .. طال اقترابهم ووضعهم هكذا لثلاث دقائق تقريبا كل منهم يستشعر دفء
 

215  216  217 

انت في الصفحة 216 من 275 صفحات