رواية امرأة العقاپ بقلم ندا محمود
يقف كالصنم التي لا حياة فيه وهي تستمر في التحديق به وبعيناه تبحث عن ثغرة تنفي كلامها لربما تفسر سبب رفضه لتركها ولكنها لم ترى سوى ثلوج المشاعر وانعدامها .. لم ترى اي من الكره أو الحب فقط الجمود الذي ينجح به في كل مرة بمهارة .
ادمعت عيناها وردت عليه مغلوبة على أمرها
_ مش بترد ! .. اقولك أنا ليه .. عشان أناني ومتجبر
________________________________________
فعل منه ولكنه لا يزال يقف كما هو بنفس السكون فهزت رأسها باستهزاء واستدارت وسارت مغادرة الغرفة بأكملها .
بمدينة كاليفورنيا .......
كان يجلس على مقعده أمام مكتبه بغرفته الخاص به في الشركة وتجلس نادين على المقعد المقابل للمكتب وهي تتفحص بعض الاوراق المهمة الخاصة بالعمل .. فرفع هو رأسه ونظر لها متمتما
رمقته بذهول وهتفت بشيء من الاستياء
_ بس أنا ما خبرتك إذا راح سافر معك أو لا .. على أي أساس بتحجزلي معك !
حاتم باسما بلؤم
_ ما خبرتيني بس كانت واضحة زي الشمس إنك موافقة وعملتيلك شويتين قدامي قال هفكر !
اتسعت عيناها بدهشة من رده عليها وأنه كان يفهمها منذ البداية لكنه تصنع الحماقة .. رسمت ملامح الڠضب على محياها حتى تنقذ نفسها من الموقف المحرج وقالت بعناد
رفع حاجبه باستنكار وهو يبتسم باتساع ثم هدر ضاحكا بمشاكسة يقلدها في الكلام
_ بلا ولدنة
نادين بغيظ
_ عم تتريق مو هيك !!
_ أبدا هو أنا اقدر .. بلاش بس عناد وقولي حاضر بسكات عشان كدا كدا هتروحي
اشتعلت نظراتها وهبت واقفة ثم انحنت عليه وهي مستندة بكفيها على سطح المكتب وتهتف بكره مزيف
كتم ضحكة عالية كانت ستنطلق منه وأجابها بابتسامة عريضة وببرود مستفز
_ ميرسي ياحياتي وأنا كتير بحبك والله
فرت الډماء من وجهها وتزايد تدفق هرمون الادرينالين في جسدها فور سماعها لاعترافه بحبها حتى لو لم يكن يقصد ذلك الحب الذي تكنه هي له لكن الكلمة كفيلة لتبثعرها كليا ! .. انتصبت في وقفتها وهتفت بتلعثم ملحوظ وهي تلملم الأوراق
لاحظ هو ارتباكها وتوترها ولم يعلق .. اكتفى بالابتسام وهو يوميء لها برأسه مغمغما
_ تمام
ثم تابعها بنفس ابتسامته وهي تلملم الأوراق وتندفع لخارج المكتب مسرعة .. فور مغادرتها زدات ابتسامته اتساعا بتلقائية وهو يعلق نظره على أثرها بشرود .
_ أيوة يا رائد
رائد باستغراب
_ برن عليكي من الصبح بدري مش بتردي ليه !
فركت رأسها پألم وتمتمت بتعب
_ نزلت أنا وماما وسمر نشتري حجات عشان الخطوبة والتليفون كان في الشنطة ومسمعتهوش
_ طيب إنتي مال صوتك كدا !
زينة بخفوت وهي تلقي بجسدها على الفراش وتجيبه وهي مغمضة عيناها بتذمر طفولي
_ اتهلكت في اللف يا رائد وتعبت أوي وماما بتدقق في كل تفصيلة وأنا بكره التفاصيل والصداع هيفرتك راسي
سمعت ضحكته العالية في الهاتف وهي يجيبها بحنو
_ معلش يازوزوا ماهو عشانا .. حتى أنا مشغول جدا بس خلاص فاضل يومين الحمدلله .. وفي علاج بجيبه للصداع هبعتلك اسمه في رسالة جبيه وهيخفف معاكي خالص
زينة بصوت يغلب عليه النعاس
_ حاضر .. أنا هقفل بقى يا رائد عشان ممكن لحظة وتلاقيني نمت وتفضل تكلم نفسك في التلفون
رائد بدفء
_ طيب ياحبيبتي ارتاحي ونامي وشوية بليل كدا هبقى اكلمك تاني
_ تمام .. سلام
ودعها والغى الاتصال ثم ألقي بالهاتف بجواره .. دخلت أمه الغرفة واقتربت منه تهتف بتساءل
_ كنت بتكلم زينة ولا إيه يا رائد
_ أيوة ياماما
هزت رأسها بإيجاب ثم رتبت على كتفه وتمتمت باسمة بحنو
_ ربنا يصلح حالك يابني وتهدى شوية على حس الخطوبة والجواز بدل ما إنت تاعبنا معاك أنا وأبوك
رائد بحنق
_ إن شاء الله ياماما .. بلاش اسطوانة كل يوم دي بقى
نرمين بعدم حيلة
_ طيب يلا غير هدومك وتعالى عشان الغدا جهز
_ حاضر
داخل إحدى المستشفيات الخاصة .....
متسطحة على فراش صغير نسبيا يتسع لجسدها الضئيل ونائمة وهو يجلس على مقعد أمام فراشها لكن على مسافة بعيدة قليلا منها ويمعن النظر في وجهها الملائكي الهاديء وهي نائمة على العكس تماما عندما تكون مستيقظة .. وكأن تلك الفتاة الشرسة والمچنونة أصبحت أخرى وهي نائمة .
فتحت عيناها ببطء ثم حركت عيناها في حركة دائرية تتفحص المكان النظيف والجميل الذي يشبه المستشفى !! ثم مالت برأسها الجانب فرأته يجلس على المقعد فزعت وهتفت بهلع
_ سلام